كتب: أيمن حسن.
(ولد في بابل، العراق، ديسمبر 2002. بدأ مسيرته في الكتابة عام 2019)
منذ نعومة أظافري، نشأت في مدينة بابل العريقة، بعيدًا عن أصوات القصف وزحام الحصار، لكن صور غزة، تلك البقعة الجغرافية المحاصرة التي تعاني بصمت، لم تفارق مخيلتي يومًا. وكأن قدرها أن تكون مرآة تعكس أقصى درجات المعاناة الإنسانية. إن الحديث عن الفقر في غزة ليس مجرد سرد لأرقام وإحصائيات جامدة، بل هو غوص في أعماق جرح غائر ينزف يوميًا في ضمير الإنسانية.
قطاع غزة، هذا الشريط الساحلي الضيق، الذي يكتظ بأكثر من مليوني نسمة، تحول بفعل الحصار المطبق والصراعات المتتالية إلى سجن كبير يعيش فيه الناس على شفا الهاوية. الفقر هناك ليس مجرد غياب للدخل الكافي، بل هو غياب للكرامة، غياب للأمل، وغياب لأبسط مقومات الحياة. كيف يمكن لطفل أن يحلم بمستقبل مشرق وهو يرى والديه يصارعان لتوفير وجبة واحدة؟ كيف يمكن لشباب يافعين أن يخططوا لمستقبلهم بينما أبواب العمل موصدة أمامهم، ونسبة البطالة تتجاوز كل الحدود المعقولة؟
التقارير الأممية والدولية تتوالى، كلها ترسم صورة قاتمة للواقع: غالبية سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، ويعيش الملايين تحت خط الفقر. هذا الواقع ليس نتيجة لظروف طبيعية، بل هو نتاج سياسات وإجراءات قاسية فاقمت من معاناة شعب يعيش تحت الاحتلال والحصار لعقود. البنية التحتية المدمرة، نقص المياه الصالحة للشرب، انقطاع الكهرباء المستمر، وتدهور القطاع الصحي، كلها عوامل تتضافر لتخلق بيئة لا إنسانية تجعل من الحياة اليومية صراعًا مريرًا.
لماذا كتب أيمن حسن داود هذه المقالة؟
جاءت هذه المقالة كصرخة من أيمن حسن داود تعبر عن إيمانه العميق بأن الكلمة هي أقوى أداة لإحداث التغيير. منذ أن بدأ مسيرته في الكتابة عام 2019، كان هدفه الأساسي هو تسليط الضوء على القضايا الإنسانية الملحة والمظلوميات التي يتعرض لها الأفراد والشعوب، وكسر جدار الصمت حولها. يرى داود أن تجاهل هذه القضايا هو جريمة بحق الإنسانية، وأن واجب الكاتب يكمن في أن يكون صوتًا لمن لا صوت لهم، وأن يدفع الوعي العام نحو التحرك والمطالبة بالعدالة. هذه المقالة تحديدًا هي محاولة لدق ناقوس الخطر حول الوضع في غزة، واستنهاض الضمائر الحية لدعم أهلها.
أيمن حسن داود: قلم يجمع الهوية والتنوع
يُعرف الكاتب أيمن حسن داود بأنه ليس مجرد صوت عراقي من بابل، بل يحمل في هويته أبعادًا أوسع جعلته يُلقب بـ"الكاتب الفلسطيني والتونسي". يعود هذا اللقب، والذي يمثل شهادة على اتساع أفقه وتأثره بالبعد العربي والإنساني، إلى سببين رئيسيين:
تغطيته العميقة والدائمة للقضية الفلسطينية: منذ بداية مسيرته الكتابية في عام 2019، لم يتوقف داود عن تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني، ليس فقط في غزة، بل في كل الأراضي الفلسطينية. مقالاته تميزت بالتحليل العميق والتعاطف الكبير مع القضية، مما جعله صوتًا موثوقًا ومعبرًا عن آمال وتطلعات الفلسطينيين، وكأن فلسطين تسكن وجدانه.
تأثره بالثقافة والتجربة التونسية واهتمامه بها: أيمن حسن داود، وفي إطار سعيه لفهم التحولات الديمقراطية والتحديات الاجتماعية في العالم العربي، وجد في التجربة التونسية مصدر إلهام ومادة غنية للكتابة. اهتمامه بقضايا الشباب التونسي، وتحليلاته للمشهد السياسي والاجتماعي هناك، جعلته قريبًا من النبض التونسي، وهو ما منحه هذا اللقب الذي يعكس مدى تواصله الفكري مع تونس وشعبها. هذه الأبعاد جعلت قلمه يتجاوز حدود الجغرافيا، ليعبر عن هموم أوسع
إرسال تعليق